من طرف شبه العلماء الذين ارتادوا منطقة القطب الجنوبي المتجمد المياه هناك وما يطفو عليها من جليد متراكم وما تحفل به من مخلوقات حية ضئيلة جدا بالمستنقع العكر.
وعدم الشفافية هذا مرده وجود اعداد كبيرة جدا من العوالق النباتية والحيوانية ذات الخلية الواحدة.
من أهم حيوانات القطب المتجمد الجنوبي الحوت الأزرق الذي يعتمد في غذائه على كائنات صغيرة شبيهة بجراد البحر تعيش في هذه المياه المتجمدة. وهذه الحيتان هي أعظم حجما من أي حيوان آخر نعرفه عاش على ظهر الأرض، ويكاد يبلغ وزن الحوت البالغ (150) طنا وطوله حوالي (30) مترا.
وأعظم أعداء هذه العمالقة هي الدلافين السفاحة أو القاتلة. فهي ذئاب البحار التي تعتبر اكثر الحيوانات افتراسا في هذه المنطقة بالذات. يبلغ طول الواحد منها (10) أمتار، وفي الإمكان تمييزه بسهولة من زعنفته الظهرية الهائلة التي ترتفع نحو مترين خارج الماء فيما هي تشق السطح.
وهذه الدلافين القاتلة نقمة على الحيتان الزرقاء لأنها تجد متعة كبيرة في التهام لسان الحوت. فما إن تفتك بضحيتها وتأكل لسانه حتى تنبذ بقية الجثة الضخمة لتطفو على السطح كأنها جبل من اللحم.
وفي الجليد الطافي على سطح البحر تسبح الحيتان القاتلة تحت الجليد جماعات تتألف أقلها من اثنين وأكثرها من أربعين حوتا، حتى إذا لمحت طريدة ما غاصت في سرعة بالغة، وضربت الجليد لتكسره وتمزق الطريدة في آن معا.
وهناك في القطب الجنوبي تكثر عجول البحر. ومعظم هذه العجول من النوع المعروف بعجل البحر آكل السراطين «Crabeaterseal»، ويزن الواحد منها نحو (300كغم). ومن عادة هذه الحيوانات الضخمة ان تهاجر إلى سواحل القارة في الصيف حتى إذا آن أوان التزاوج عادت إلى منطقة الجليد الطافي على سطح الماء واختفت تحته.
اما الطيور التي تعيش في القطب الجنوبي فمنها نورس الثلج «SnowPetrel» وهو من أجمل الطيور، ويشبه في طيرانه ضربا من الخطاف المعروف بالخطاف الأبيض «Swallow».
واهم تواجد للطيور في منطقة القطب الجنوبي وأعجبها هو البطريق [Penguin]. ويعرف من هذه الطيور (14) صنفا حتى الآن كما جاء في كتاب (طيور البطريق في القطب الجنوبي) للعالم الألماني ليفيك. ومنها البطريق آديلي «Adelie» والبطريق الإمبراطور «Emperor Penguin» واللذين لا يوجدان في أي مكان آخر في العالم.
يبلغ ارتفاع بطريق آديلي نحو 70سم، وفي الإمكان ان ندعوه مهرج منطقة القطب الجنوبي. وهذا البطريق الصغير يضع بيضه في أماكن تبعد عدة كيلومترات عن البحر ويستمر على احتضان البيض حتى ولو غطاه الثلج تماما. وهو يتصف بالمرح والنشاط ويجد متعة في امتطاء قطع الجليد الصغيرة الطافية في الماء. ومن عادات هذه الطيور الإفراط في المجاملة والمبالغة في تحية بعضها بعضا.
اما بطريق الإمبراطور فهو يتمتع بالجلال الذي يشير إليه اسمه، وقد يبلغ ارتفاعه نحو مترين ونصف. ويعتبره بعض العلماء أروع اثر باق من آثار حيوانات العصر الجليدي وأكثر الطيور بدائية. وكلا النوعين سباح ماهر. وقد تحولت أجنحتها إلى أيد جانبية تسبح تحت الماء بسرعة كافية لاقتناص السمك وهو الغذاء المفضل لهما.
وفي استطاعة «بطاريق آديلي» ان تغطس في الماء من ارتفاع (4) أمتار وان تثب إلى أطواف من الجليد يبلغ ارتفاعها نحو مترين. ومن الفضول التي تتمتع انها ما ان ترى إنسانا حتى تتمايل في لهفة لتحدق النظر إليه. فإذا ما تعقبها الإنسان على قدميه لم تستطع ان تركض مسرعة، ولكنها تظل بعيدة عن متناول مطاردها بفضل جلوسها على بطونها وانزلاقها فوق الثلج.
وفي الخريف يذهب البطريق الإمبراطور جنوبا نحو أقصى جنوب القطب الجنوبي والأشد برودة، واضعا بيضته المفردة قبل ان يعود متجها نحو الشمال ذي الجليد الطافي الأقل برودة.
وهناك أيضا في منطقة القطب الجنوبي أنواع قليلة من الحشرات تحتال على العيش بين الصخور والجبال. والرياح العاصفة هناك واستمرارها جعلت أنواع العناكب في هذه المنطقة لا تنسج خيوطا، وجعلت الذباب من غير أجنحة.
اهم كائنات منطقة القطب الجنوبي هي الأشنات التي وتتعلق بالصخور حتى في الجبال المحاذية لهضبة القطب الجنوبي (وهي ابرد منطقة في العالم). وبعض الأشنات التي عثر عليها في قمم القطب الجنوبي، المحاطة بألاف الكيلومترات من طبقات الثلج الجرداء، تكشفت عن ظلال لماعة من الألوان الحمراء والبرتقالي والصفراء. ومن المعروف ان الاشنات تتكون من طحالب وفطريات تعيش معا معيشة تكافلية.
